قد تشكل عملية الإنجاب -الولادة- تجربة مبهجة لا تنسى، لأن الجهد البدني والنفسي الذي يرافق الولادة، أو العملية القيصرية، يظهر بشكل خاص في الأيام الاولى ما بعد الولادة، وبالإضافة إلى المشاعر التي تصاحب الولادة نفسها، قد تشعر الأم الوالدة بأن جسمها يتغير، وأفكارها تتغير وحالتها المزاجية، تغييراً ينعكس من خلال البكاء، القلق، الإنفعال المفرط وغير ذلك، وتعرف هذه الظواهر تعرف بإسم اكتئاب ما بعد الولادة أو سوداوية الأمومة.
حدة هذه المشاعر متغيرة، وهي تزول، وتشعر 50%- 70% من النساء الوالدات تشعر في الفترة ما بين اليوم الرابع واليوم العاشر ما بعد الولادة، وتعتبر هذه ظاهرة طبيعية، ومن السهل نسبيا التعامل معها.
وثمة أعراض أخرى منها: التململ وعدم الراحة، الصداع، البلبلة، النسيان، الإنفعال الزائد، إضطراب في النوم وأفكار سلبية تجاه المولود الجديد، ونظراً لأن الحالة تعتبر مؤقتة وعابرة، فلا حاجة إلى العلاج، بل إلى الراحة والدعم من جانب الأسرة والأصدقاء.
تصاب 8%- 12% من النساء الوالدات بحالة أكثر صعوبة من مجرد الكدر والسوداوية، وهي الحالة التي تسمى إكتئاب ما بعد الولادة، والتي تتميز بهبوط الحالة المزاجية، اللامبالاة وعدم الإكتراث، إنعدام المتعة، إضطرابات في الشهية وفي النوم، فرط الإنفعال أو البطء، التعب أو إنعدام النشاط، عدم التقدير الذاتي أو الشعور بالذنب، صعوبات في التركيز او في إتخاذ القرارات، وفي الحالات الأكثر حدة قد تظهر أعراض أخرى من الإكتئاب بعد الولادة.
ويعتبر الذهان التالي للوضع الصورة الأكثر خطورة لهذا الإضطراب، حيث يظهر الإكتئاب بصورة مرض الفصام -الانفصام العقلي- أو مرض الذهان الهوسي الإكتئابي وهو الذي يعرف، حديثاً، باسم الاضطراب ذو الاتجاهين أو الاضطراب ثنائي القطب.
عند ظهور مؤشرات على أفكار إنتحارية أو محاولات لايذاء المولود، من الضروري جدا الحصول على إستشارة فورية من طبيب نفسي.
كما تحتاج إلى هذه الإستشارة الطارئة، والنساء اللاتي تعانين من إكتئاب حاد يتصف بصعوبة الإتصال مع الناس، المحافظة على النظافة الشخصية ورعاية الطفل.
ومن الشائع أن إكتئاب ما بعد الولادة يعاود الظهور بعد الحمل التالي بنسبة 50%- 100% من الحالات، والنساء اللواتي تعانين منه قد يصبن بإكتئاب لا علاقة له بالولادة 20%- 30%.
النساء اللواتي أصبن، في الولايات المتحدة، بحالة حادة من الإكتئاب بعد الولادة هن نساء شابات، تحت سن 20 عاماً، غير متزوجات ولا يتلقين علاجا ًطبيا بشكل منتظم، نساء من عائلات ذوات ستة أولاد أو أكثر، واللواتي فصلن عن عائلاتهن في سن مبكرة ولم يتلقين الدعم في فترة المراهقة.
وهؤلاء النسوة يفشلن في إنشاء علاقات سليمة مع أزواجهن، مثقلات بالمشاكل الإقتصادية، غير راضيات عن تعليمهن، وتعانين من إضطرابات عاطفية وعدم الثقة بالنفس.
الحالة المزاجية المتردية، اللامبالاة وعدم الإستمتاع، إضطرابات في الشهية وفي النوم، ميل الى الإنفعال الزائد، البطء، التعب والخمول، إنعدام التقدير الذاتي، الشعور بالذنب، صعوبات في التركيز أو في إتخاذ القرارات.
وإذا ما كان الإكتئاب بعد الولادة عميقا فقد تظهر مؤشرات على إفكار إنتحارية، وتظهر أعراض إكتئاب ما بعد الولادة خلال الأشهر الثلاثة الأولى بعد الولادة عادة.
ويشبه هذا الإكتئاب، في أعراضه ومميزاته، حالات الإكتئاب الأخرى التي لا علاقة لها بالحمل والولادة.
المصدر: موقع رسالة المراة.